المقدمة:
في كل عام، يُحتفل في شهر تشرين الأول بعيد المسنين العالمي، وهو مناسبة للتأمل في واقع هذه الفئة وتحدياتها. مع تقدم العمر، يتغير نفسياً ومزاجياً الإنسان حيث يشعر بالحاجة الملحة إلى التقدير والاحترام. معظم المسنين يشعرون بفقدان مكانتهم الاجتماعية وكرامتهم، خاصة إذا لم يتلقوا الاهتمام الكافي كأعضاء أصيلين في أسرهم ومجتمعهم. لقد حثّت الأديان السماوية الأبناء على الإحسان إلى آبائهم وأمهاتهم ومن يلوذون في محيطهم، أيضاً، فنجد في الإنجيل تعاليم تكرم المسنين:
"أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ، وتخشى إلهك. أنا الرب." (اللاويين 19:32) تشدد هذه الآية على أهمية احترام كبار السن وتوقيرهم، مشيرة إلى أن هذا الاحترام جزء من الخِشْيَة والتقوى تجاه الله.
وفي القرآن الكريم آيات تدعو إلى البرّ بالمسنين:
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" (الإسراء: 23). وكذلك: قوله تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" (النساء: 36) في هاتين الآيتين وردت كلمة "الإحسان" كشعيرة أولويَّة سبقت ذكر الشعائر الأخرى المتوجبَّة على المؤمنين.
حال المسنين السوريين اليوم في المدن المدمرة ومخيمات النزوح
أدت الحرب المستمرة في سوريا إلى تفرقة العائلات، مما جعل المسنين عرضة للإهمال وفقدان الرعاية الأساسية. فالكثير منهم فقدوا أبناءهم أو من يعولهم بسبب الاستشهاد أو الاعتقال أو الهجرة القسرية، ومع امتداد الحرب لأكثر من 14 عاماً، تضاعف عدد المسنين الذين يعانون من العزلة وفقدان الدعم. كذلك، تفتقر معظم المناطق السورية إلى دور رعاية مجانية متخصصة في إيواء المسنين، باستثناء بضع مبادرات صغيرة تقوم برعاية العشرات فقط.
دور المجتمع السوري والمنظمات الإنسانية
من الضروري أن يتحمل المجتمع السوري بمؤسساته وأفراده المسؤولية تجاه هذه الفئة المحرومة، عبر إطلاق مشاريع إنسانية لسدّ الفجوة في رعاية المسنين. توفير مراكز رعاية ملائمة يُعيد للعديد منهم كرامتهم المفقودة، ويمنحهم الإحساس بالأمان والانتماء. إن تأمين احتياجات المسنين ليس فقط واجباً إنسانياً بل هو تعزيز لقيم التضامن والتعاطف داخل المجتمع.
جهود منظمة سوريون مسيحيون في الولايات المتحدة
بمناسبة عيد المسنين العالمي، قامت منظمتنا بتوزيع معونات نقدية على عدد من المسنين في المخيمات السورية المتدهورة، رغم إمكانياتها المحدودة التي تعتمد على تبرعات الداعمين. يعيش هؤلاء المسنون أوضاعاً صعبة، حيث يعانون من الوحدة والإهمال في مجتمعات مثقلة بالهموم.

في الختام
إن المسنين السوريين يعيشون أوقاتهم الأخيرة بين نسيان وإهمال، في حين أن واجبنا كأفراد ومنظمات إنسانية أن نعيد لهم شعورهم بالكرامة من خلال توفير مأوى وخدمات طبية أساسية لهم. تأتي هذه الجهود لتسهم في إسعادهم وتعويضهم عما عانوه خلال سنوات الحرب. وتشكر منظمتنا كل الداعمين وأهل الخير، وندعو المنظمات ذات القدرة المالية إلى تكثيف جهودها في هذا المجال الحساس لدعم هذه الفئة المحتاجة.